أإخترت صفًّا لتتبّع حذوهُ أو ما زلت

مع كلّ الصفوف تقف وتقولَ كلّ ما شئت؟

استمعْتَ لكلّ الأفكار وأراكَ منها إنتقيت!

ما يُناسب فِكرك وبالبحث أبدًا ما اكتفيت

تملكُ رأيًا لكلّ فكرةٍ وبالحقّ تنطق فما افتَريت!

نادرٌ أنتَ، فكرُكَ ذهبٌ، وعن سماعكَ أبدًا ما انتهيت

هذه أبيات قمت بكتابتها قبل ثلاث سنين تقريبًا، وعند كتابتها كان الشخص المعني هو أخي، تحياتي لك عبدالله! فهذه الأبيات وبالتالي هذه المقالة مُستلهمة منه، بالنسبة لي أن تُلهم شخصًا لا يعني أن تمتلك صوتًا مسموعًا ليلتفت الأشخاص إليك، ولكن بدون أن تشعر تجد أن صوتك واضح! عالٍ كفاية، فقط من خلال مشاهدتهم لك تعيش حياتك بدون أن تنبس ببنت شفة. بالطبع لكل شخص طريقته في إلهام الآخرين، وللكلمة وقع بكل تأكيد ولكن ما وقعُها على الشخص الآخر إن لم تتجسد كلمتك من الأساس؟

ما يبهرني حقًّا هو أن يكون للشخص موقف ثابت يتخذّه مع أيٍّ كان، أن يكون للشخص قيم ومبادئ ثابتة لا يحول بينها وبينه أحد وهو على نفسهِ رقيب. أنا مع التغيير دومًا وللأبد، التغيير نحو الأفضل والأفضل دائمًا وأجد برأيي أن المبادئ والقيم قابلة للتغير أيضًا لكن من الصعب جدًا جدًا تبديلها ويحتاج تغييرها إلى سنين طويلة من المواقف والأحداث والدروس، ولكن لابد أن يوجد مبدأ أو أثنين غير قابلين للنقاش أبدًا لدى كل شخص.

ولكن رغم ذلك، تجد أن هذا الشخص منفتح على العالم بأسره! مطلّع على كل مجريات الحياة مُنبهر بها وبتطوراتها، يستمع لكل الآراء ويقرأ كل الكتب ويشاهد مُختلف الأفلام ويتخذ مسارات متعددة بالحياة، يحب التجربة ويرى أن رزقه قابع في كل بقعة من بقاع أرض الله الواسعة فيخطو خطاه ثابتًا متوكلًّا لا يربط حياته بشخص أو بمسار معين، يعلم أنه ما دام أيقظه الله في الصباح فلا زال هناك مهمة يجب إتمامها.

يؤمن إن آن أوان اللحظات الصعبة وعندما تسير الرياح بما لا يشتهي أن هناك مهمة أعظم تنتظره بعد هذه المحنة، فيتخطاها بكل عزم ليخرج منها أقوى جاهزًا لمَ هو أعظم، لأنه صاحب قضية، صاحب رسالة، صاحب هدف، صاحب رأي…

جميلٌ هو إمتلاك مختلف الآراء، جميلٌ هو الإطلاع على كل إحتمالات الحياة وجميلٌ هو النظر للعالم من حولك بعدساتٍ مختلفة، ولكن الأجمل والنادر برأيي هو، أنه وعلى الرغم من هذا التفتح كلّه، ما زلت تملك هويتك الخاصة!

الهوية التي تحكي قصة حياتك وكفاحاتك، الهوية التي تحكي من أنت ولماذا أنت من هو عليه اليوم. بالنسبة لي جمالية السفر تكمن في السفر إلى الناس وليس فقط المنطقة الجغرافية التي تحتضنهم، فالناس نفسهم يمتلكون كل الحكاية التي تريد سماعها! عاداتهم وتقاليدهم، موسيقاهم ولغتهم وطريقة لباسهم وكل ما يخصّهم! لهذا أمقت جدًا إنعدام الهوية في معظم البلدان، فتجد أنه من الصعب عليك تحديد ما يميزهم! وكأنك تقرأ كتاب بعنوانٍ فقط والمتبقي هو صفحاتٍ بيضاء فارغة…

لذا امتلك صوتًا عالٍ كفاية وليس فقط مسموع، امتلك صوت دينك وصوت لغتك وصوت وطنك وصوت عقلك وقلبك، امتلك صوت روحك وبدنك، صوت آرائك، صوت مبادئك، صوت قيمك، امتلك جميع الأصوات وتغنّى بها.

وتذكّر أن تتابع بشكل مستمر تغير نظرتك للأمور، لتُعيد تلحين المقطوعة من جديد حسب ما تراهُ مناسبًا بدلًا أن تترك تناقضًا ونشازًا يصدر منك يا صاحبي.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *