قرأت مقالة لجيمس كلير مؤلف كتاب العادات الذرية (Atomic Habits) وكان يتحدّث بإجمال عن كيف أن تأثير الدومينو يُشبه تمامًا طريقة تكوين العادات لدينا! لابد لعادة أن تتبعها عادة أخرى، فعند تكوين عادة جيدة سيتبعها الكثير من العادات الجيدة بدون وعي، والعكس صحيح مع العادات السيئة.
طرح لنا جيمس مثال لسيدة أرادت أن تبدأ بجعل ترتيب سريرها عند الإستيقاظ من النوم عادة، فقررت أن تقوم بترتيب فراشها لمدة أربعة أيام فقط، وفي اليوم الرابع لاحظت أنها بعد ترتيب سريرها بدأت بترتيب بعض الملابس والجوارب المتناثرة هنا وهناك أيضًا، ثم مع الوقت بدأت تتوسع من ترتيب غرفتها إلى ترتيب المطبخ بخطوات صغيرة جدًا ولكن مستمرة.
فسرّت هذا التغيير الملحوظ قائلة: عادة ترتيب السرير بحد ذاتها قامت بجر معها عادات أخرى لم أكن واعية لها! وهنا نرى أن هذه السيدة مثال رائع لتأثير الدومينو! فما هو تأثير الدومينو؟
تأثير الدومينو(Domino Effect): هو تفاعل تسلسلي يحدث عندما يسبب تغيير صغير تغييرًا مماثلًا بجواره والذي بدوره سيُحدث تغييرًا مماثلًا وهكذا دواليك. تمت تسمية هذا التأثير بتأثير الدومينو لأنه يُشبه قطع الدومينو عندما تتساقط واحدة تلو الأخرى، عندما تقوم بإسقاط إحدى القطع فتجد بعد ثواني أن هذه القطعة الوحيدة تكفلّت بأمر إسقاط جميع قطع الدومينو الأخرى المصفوفة خلفها.
شخصيًا، أشاهد تأثير الدومينو بشكل مستمر في حياتي! فمثلًا، بمجرد استيقاظي من النوم في الميعاد الذي أردت أن أستيقظ فيه أجد أنني أشعر بالإنجاز، فأراقب بكل حذر كيف أقضي يومي ووقتي لكيلا يضيع الإستيقاظ مُبكرًا عبثًا! فأستغل وقتي بكلّ مفيد وأخصّص وقت للرياضة، وهنا أرى تأثير دومينو أخر! فعندما أخصص وقت للرياضة، أراقب غذائي وأحرص كل الحرص على أن يكون صحيًا، لكيلا يذهب مجهود الرياضة عبثًا أيضًا. وهكذا دواليك، عادة جيدة تجرّ عادة أخرى!
وبالمقابل، عندما أستيقظ متأخرة عن الميعاد المطلوب أجدني مُتكاسلة وأنهمك بالتسويف، لأنني خيبت ظنّ نفسي ولم أبدأ يومي بالشكل المطلوب، فأحكم على اليوم بأنه فاشل من قبل بدايته حتى! أعلم أنه لا يجدر بي فعل هذا ولكن يحق علي قول أنني لا أجد التحفيز والطاقة الكافيين إن لم أبدأ يومي جيدًا -زي ما نقول: “هي خاربة خاربة “-.
فأجد أن مثل هذا اليوم يكون مليء بالعادات السيئة والكسل، فعادة سيئة تجرّ الأخرى وفي نهاية اليوم لا أكون راضية عن جودة يومي. تعلمت مؤخرًا إنقاذ نصف يومي على الأقل من هذه الدوامة، ولكن لابد أن أكون واعية أنني في منتصف تأثير الدومينو للعادات السيئة.
يحصل تأثير الدومينو لسببين رئيسية:
- غالبية أنواع الروتين و العادات الموجودة في حياتنا مترابطة ببعضها البعض، هذه طبيعة الحياة، والإنسان جزء من هذه الحياة، سلسلة تفاعلات وأحداث ودوامات لا تنتهي، كل سبب له نتيجة وكل نتيجة تُنتِج سبب أخر وهكذا دواليك…
- تأثير الدومينو مُتمركز على مبدئين رئيسية مترسخة في البشر: الإلتزام والإستمرارية. عندما يتلزم الأشخاص بفكرة أو هدف ويستمرون بتغذيتها ولو بشكل بسيط، سيُعظّمون هذا الهدف أو الفكرة لأنها بدأت تُشكل جزء من صورتهم الشخصية.
هذه إحدى نواتج تأثير الدومينو! ليس فقط بناء عادات وسلوكيات جديدة ، بل غالبًا يُحدث تحوّل بالمبادئ الشخصية أيضًا. في كل قطعة دومينو تسقط تبدأ أنت بالإيمان بأشياء جديدة عنك وبناء عادات مرتبطة بهويتك.
شروط حدوث تأثير الدومينو:
على الرغم أن تأثير الدومينو عادةً ما يحدث بتلقائية وعفوية إلا أنه يمكنك تسخيره لصالحك بوعي،
- إبدأ بأكثر مهمة شيّقة لك، بعادة بسيطة ولكن إجعلها مستمرة (Consistent)، الإستمرارية (Consistency) وتحتها مليون خط! هي من أهم عوامل إضافة عادة جديدة لحياتك! الإستمرارية تُشع لك النور على صورة الشخص الذي ستصبح عليه إن استمريت على تكرار العادة مهما كانت بسيطة. تذكّر، لا يهم أي قطعة تسقط بالدومينو أولًا، ما دام قطعة من الدومينو ستسقط على أي حال.
- إجعل حماسك عند إنجاز المهمة أو العادة الأولى ينقلك على الفور للمهمة التالية، للحفاظ على طاقة الإنجاز. فتكرار سلسلة من المهام المختلفة بشكل متتابع يخلق سلسلة من العادات الجيدة ، ممّ يقربك من الصورة المثالية لذاتك.
- عندما يصعب عليك الأمر، قم بتجزئة المهمة لمهام أصغر يسهل فعلها، لا تُحمّل نفسك فوق طاقتها. الأمر الأهم عند إضافة عادة لحياتك هو جعلها مستمرّة قدر الإمكان، تأثير الدومينو يتعلّق بالتطور وليس بالنتيجة. تطوّر وكرّر، وإجعل قطعة الدومينو تُسقط التي تليها.
وأخيرًا، هناك العديد من الطرق المختلفة لإسقاط قطع الدومينو، إختر الطريق الأكثر تشويقًا لك وشاهد تأثير الدومينو بكل حب أمامك!
لا تعليق